بحث في مدونة إبداعاتنا

الخميس، 18 ديسمبر 2014

الأرقام الرسمية في مصر - المبالغة والبعد عن واقع الناس

حين كنت صغيراً في المرحلة الثانوية تقريباً كنت كعادتي في ذلك الوقت مواظباً على قراءة الصفحات الاقتصادية بجريدة الأهرام للاطمئنان على وضع البورصة ونسبة النمو في مصر ومعدل التضخم و ما تم انفاقه على البنية التحتية وغير ذلك من أرقام. أذكر أن تلك الأرقام كانت دائماً في تحسن مما يؤكد أن الوضع الاقتصادي في تحسن أيضاً. أذكر كيف كنت أفرح فرحاً شديداً كلما قرأت تلك الأخبار رغم أن ما تراه عيناي كل يوم في كل مكان يخالف تلك الأرقام مخالفة صريحة وقاطعة.
أذكر كيف كنت أبحث عن ححج لأبرر هذا التناقض الذي لا يمكن أن ينتج عن استخدام أرقام صحيحة لا مبالغة فيها كنت أقول بالتأكيد الحال ليس كما يظهر لي ولابد ان الواقع أفضل بكثير بالنسبة للآخرين، كنت أكذب الواقع الذي أعيشه من أجل أرقام صماءٍ خرساءٍ لا يوجد لها بحياة الناس أدنى علاقة، أرقام لا تسمع صرخات أطفال في ليالٍ شديدة البرودة يتضورون فيها جوعاً، لا تعير آلام مرضى لا يملكون ثمن دواء يذهب مرضهم أو حتى يخخف أوجاعهم أي اهتمام. لا تنظر هذه الأرقام إلى مدارسنا وحالها المؤسف ولا إلى طرقنا سيئة الرصف أو غير المرصوفة أصلاً. وإني لأعجب من حالي حينئذٍ كيف كنت أغمض عيناي عن حال مصرنا المؤسف من أجل تصديق تلك الأرقام.
هكذا كان حال كثير من الأرقام في مصرنا قبل ثورة 25 يناير 2011، كانت غالباً ما تفوح منها رائحة أقل ما يمكن أن توصف بها المبالغة والبعد عن واقع الناس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعضاء المدونة