بحث في مدونة إبداعاتنا

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

نحن والتعميم

من النقائص التي أراها في كثير من المجتمعات - ومنها مجتمعنا بالطبع - مشكلة الإفراط في التعميم. المقصود بالتعميم هنا اعتقاد أن خصائص فرد أو مجموعة من الأفراد في جماعة ما في وقت ما تنطبق على جميع أفراد تلك الجماعة في جميع الأوقات. قد تكون هذه الخصائص صفات أو عادات أو أفعال إلخ. وقد يكون التعميم أيضاً لأشياء أو أحداث يحسبها من يعمم دائمة الوجود أو الحدوث. قد يطال التعميم أسرة أو قبيلة أو سكان مدينة أو أهل بلد بأكملها أو أصحاب عقيدة ما. المهم أن من يقوم بالتعميم لا يهتم إن كان التعميم يشمل عدد صغير من الأفراد أو حتى الملايين منهم.

أحياناً يكون التعميم "تعميم الجيد" و أحياناً يكون "تعميم السيء"، و كلاهما يعد نوعاً من الكذب و المبالغة ولكل من النوعين خطورته كما سأوضح لاحقاً إن شاء الله. أما بالنسبة لتعميم الجيد فيعني أنك تعمم شيئاً جيداً تراه في فرد أو مجموعة صغير من الأفراد فتجعل منه حقيقة شاملة دائمة غير قابلة للتبديل تحت أي ظرف. و من أمثلة هذا النوع من التعميم:
قول البعض:"الشعب الفلاني شعب كريمً." عبارة قد يتفاخر بها البعض، ولكن ماصحتها؟ هل فعلاً لا يوجد بين افراد الشعب بخيل واحد؟! الأفضل هنا قول:"الشعب الفلاني شعب به الكثير من الكرماء .."
قد تسمع طالباً بعد إنتهاء امتحان مادة أول يقول:"الامتحانات هذا العام ستكون سهلة كما كان امتحان أول مادة."

ما خطورة هذا النوع من التعميم؟ إنه يدفع إلى بناء استنتاجات غير صحيحة و أحكام غير واقعية تؤدي بدورها إلى التراخي و الكسل و توقع الخير دون العمل له.

أما النوع الثاني فهو تعميم السيء. و من الأمثلة على هذا النوع من التعميم:

قول البعض: "كل سكان هذه المدينة بخلاء." عبارة ظالمة للكثيرين من هؤلاء السكان، أليس كذلك؟
و قول آخرون: "تلك العائلة تحب الفسق." ألا يمكن أن يكون فيهم مؤمن واحد؟!
أو قول: "الذين يرتدون كذا أخلاقهم كذا" إلخ.

و تكمن خطورة النوع الثاني في أنه يزيد البغضاء بين أفراد المجتمع الواحد و يحرمهم من فرص تكوبن علاقات اجتماعية ناجحة و قد يزيد أيضاً النفاق الاجتماعي مما قد يؤثر على المجتمعات تأثيراً سلبياً.

الخلاصة أنه ليس من العقل الصحيح تعميم الأشياء على الدوام، فلنعلم أن الاختلاف موجود حتى بين التوائم المتماثلة! فلنتريث قلبلً قبل أن نعمم قولاً ما و لنجعل لغتنا دقيقة بعيدة عن كلمات التعميم الشهيرة مثل: "كل" و "جميع" و " بلا استثناء"....فالاستثناءات لا ريب موجودة لمن يريد أن يرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أعضاء المدونة